الموضوع: افتتاح الموسم الدراسي
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق
السموات والأرض وجعل الظلماتِ والنور، والحمد لله الذي فضل العلم على الجهل فقال:
"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له شهد لنفسه بالوحدانية وشهد بها ملائكته والعلماء، قال تعالى:
"شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا
هو العزيز الحكيم". وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل: "طلب العلم
فريضة على كل مسلم". اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فلقد كان اهتمام
شريعة الإسلام في الحض على العلم عظيما، وكانت العناية بالتكوين العلمي فائقة
كبيرة، والآيات والأحاديث التي تأمر المسلمين بالعلم وتحضّهم عليه وتسوقهم إليه
أعظم من أن تحصى، قال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون". الزمر:9. وقال سبحانه: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين
أوتوا العلم درجات". المجادلة:11. وقال أيضا: "وقل رب زدني علما".
طه:114. وحسبنا أن يكون أول نداء إلهي يفتتح الله به وحيه إلى نبيه محمد صلى الله
عليه وسلم تلكم الآية الكريمة: "أقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق
اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم". القلم:1 ـ5.
من أجل هذا جعل الرسولُ صلى
الله عليه وسلم طلبَ العلم فرضا فقال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
رواه ابن ماجه. وجعل المعاناة في تحصيله جهادا فقال: "من خرج في طلب العلم
فهو في سبيل الله حتى يرجع". رواه الترمذي. وأخبرنا–صلى الله عليه وسلم-أن كل
أمجاد الدنيا كاذبة وزائلة إلا مجد الإستقامة والعلم فقال: "الدنيا ملعونة
ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما". رواه الترمذي وابن
ماجه. فمن كان يعرف في تكريم العلم والعلماء أروع من هذا فليأتنا به؟.
أيها المباركون: عمّا قريب تفتح
المدارس أبوابها أمام أبنائنا وقرةِ أعيننا وعدّةِ مستقبلنا وذخيرةِ بلادنا وأمل
مجتمعنا في التقدم والرقي والازدهار.
فماذا نتمنى لأبنائنا وبناتنا
ولمعلميهم وأساتذتهم؟.
لا شك أننا نتمنى لهم سنة طيّبة سعيدة مليئة بالنشاط والجّد
والإجتهاد ونيل أحسن الدرجات والشهادات إن شاء الله.
ولكن لا يخفى عليكم أن الموسم الدراسي لا يكون ناجحا إلا إذا وجد التعاون بين
البيت والمدرسة والشارع، فإذا لم يقم الأب في البيت بمسؤوليته على الوجه الأكمل،
فربما انحرف الولد وعندئذ لا ينفع مع الولد توجيه ولا يجدي في تقويم اعوجاجه معلم،
لذا حمّل الإسلام الآباءَ والأمهاتِ مسؤوليةَ التربية. قال تعالى: "يا أيها
الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ
شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون". التحريم:6. وأكّد رسول الله
صلى الله عليه وسلم في أكثر من وصية بضرورة العناية بالتربية قال صلى الله عليه
وسلم: "أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم". رواه ابن ماجه، وروى الطبراني عن على كرم الله وجهه مرفوعا: "أدبوا
أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن". إلى
غير ذلك من الأحاديث.
فالتربية الصالحة للطفل هي التي تُنشئ
الشاب الصالح الذي يخدم دينه وأمته ووطنه، ولقد وضع لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم
مادة أساسية، مفادها أن الإبن يشبّ على دين والديه. أخرج البخاري عن أبي
هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول
اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم: "ما من مولود إِلا يولد على الْفطرة فأَبواه
يُهَوِّدَانه أو َيُنصِّرَانه أو يُمجِّسَانه".
فالأسرة هي المحضن الأول الذي ينشأ فيه الأبناء، ورب
الأسرة وزوجته كلاهما شريك الآخر في تلك المؤسسة الاجتماعية التي أمر الإسلام
برعايتها والحفاظ عليها، ولا يمكن أن يتحقق النجاح للأسرة إلا إذا تعاون كل من
الرجل والمرأة في تربية الأولاد، والولد يتأثر بوالديه في أخلاقه وسلوكه وتصرفاته
واتجاهاته الدينية والعقائدية.
فعليكم ـ
أيها الآباء والأمهات ـ مراعاةِ أولادكم وحمايتَهم من ضياع الوقت وانحراف العمل
والسلوك، تفقدوهم في كل وقت وامنعوهم من معاشرة ومصاحبة من يُخشى عليهم منه الشر
والفساد، فإنكم عنهم مسئولون، وعلى إهمال رعايتهم وتأديبهم معاقبون. قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
ويا أيها
المعلم: اعلم أن مهنة التعليم لا تساويها مهنة في الفضل والرفعة، فوظيفتك من أشرف
الوظائف وأعلاها. ولعل الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه، يبين
لنا ولك فضل تعليم الخير، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته وأهل السموات
والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير».
لكن اعلم أن مهمتك لا تقتصر على طرح المادة العلمية على طلابك فقط، بل هي مهمة
عسيرة وشاقة -وهي يسيرة على من يسرها لله عليه-فهي تتطلب منك صبراً وأمانة ونصحاً
ورعاية لمن تعلمهم. وتذكر دائما قول الحكيم العربي:
يأيها الرجلُ المعلــــمُ غيرَهُ * هلا لنفسِكَ كان ذا
التعليمُ
فالمعلم إذا
لم يكن ملتزما في سلوكه ومعاملته بمنهج الإسلام، وعلى دراية تامة بمبادئ الأخلاق
ليسير على طريق الإصلاح والتربية على أسس متينة، فهو أولى وأجدر بالتعليم
والتأديب. فحافظْ على الوقت زمنًا وأداءً،
والتزمْ الحضورَ في وقتك، وأدّ هذا العملَ بجدٍّ واجتهاد، ولا تستخفّ بهذه
المسؤولية، ولا تستهن بها، فإنها أمانة عندك، والله سائلك عنها، قال تعالى:
"إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن
تُؤدُّواْ الأمانات إِلَى أَهْلِهَا". النساء:58.
ولكن على رسلكم ـ يا عباد الله ـ
فاليد الواحدة لا تغسل نفسها، وكذلك الشخص الواحد لا يضطلع بأي مهمة وإن بدت
يسيرة، فالولد مهما كان استعداده للخير عظيما، ومهما كانت فطرته نقية سالمة، فإن
للبيئة الأثرَ الأكبرَ في تربيته وإصلاحِ حاله واستقامة أمره، ومن هنا كانت وصية
ابن سينا في تربية الولد قوله: "أن تكون مع الصبي في مكتبه صِبيةٌ حسنة
آدابهم مرضية عاداتهم، لأن الصبي عن الصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه آنس".
فالولد حينما تتوفر له البيئة الصالحة، من قبل أصدقاء صالحين، ورفقاء مخلصين.
فإنه– لا شك-يتربى على الفضيلة والإيمان والتقوى.
فلا بد – إذن-من إيجاد التعاون بين البيت
والمدرسة والشارع علميا وروحيا وجسديا. قال تعالى: "وتعاونوا على البر
والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب".
المائدة:2.
وفق الله طلابنا ومعلميهم لما
فيه الخير وأيّد خطاهم وجعل النجاح حليفهم في كل مراحل حياتهم الدراسية، أقول قولي
هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا
إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، أيها المعلمون والأساتذة:
لقد أعطاكم الإسلام مكانتكم ورفع درجتكم، وذلك لأن عليكم لأمتكم ومن يتعلمون منكم
حقوقا عظيمة، فقوموا بها لله مخلصين، وبه مستعينين، ولنصح أبنائكم ومن يأخذون
العلم عنكم قاصدين، أخلصوا في التعليم، وامتثلوا أمام طلبتكم بكل خلق فاضل كريم،
فإن المتعلم يتلقى من معلمه الأخلاق، كما يتلقى منه العلوم.
وإذا المعلم ساء لحظ بصيرة .. جاءت على يديه
الأبصار حولا
ويا أيها الطلبة، يا من أنتم على
مقاعد الدرس والتحصيل وفي جوّ العلم ومحرابه المقدس، احرصوا على طلب العلم لغاياته
الكريمة وأهدافه السامية والتي تعود عليكم كأفراد بالخير والرفعة وعلى أمتكم
بالتقدم والرقيّ والإزدهار. وتذكروا دوما قول الله عزّ وجل: "واتقوا
الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم". البقرة:182. . دخول موفق وعام دراسي مليء بالنشاط والعمل الجاد مع دوام
الصحة والعافية بحول الله وقوته..
اللهم اشرح صدورنا وصدور
أبنائنا وبناتنا للإيمان وافتح قلوبنا وقلوبهم للعلم والمعرفة، واجعل النجاح
حليفهم في موسمهم الدراسي. اللهم وألهِم الأساتذة والمعلمين السداد في القول
والعمل، وسدد خطاهم على طريق الحق والصواب، اللهم كرمنا وإياهم بنور الفهم وأخرجنا
من ظلمات الوهم وافتح علينا وعليهم بمعرفة العلم وحسّن أخلاقنا بالحلم، واجعلنا
وإياهم وتلامذتهم من الناجحين الفائزين في الدنيا والأخرة بمنّك وفضلك يا ذا
الجلال والإكرام، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. وصل اللهم وسلم على عبدك
ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق
السموات والأرض وجعل الظلماتِ والنور، والحمد لله الذي فضل العلم على الجهل فقال:
"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له شهد لنفسه بالوحدانية وشهد بها ملائكته والعلماء، قال تعالى:
"شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا
هو العزيز الحكيم". وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل: "طلب العلم
فريضة على كل مسلم". اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فلقد كان اهتمام
شريعة الإسلام في الحض على العلم عظيما، وكانت العناية بالتكوين العلمي فائقة
كبيرة، والآيات والأحاديث التي تأمر المسلمين بالعلم وتحضّهم عليه وتسوقهم إليه
أعظم من أن تحصى، قال تعالى: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا
يعلمون". الزمر:9. وقال سبحانه: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين
أوتوا العلم درجات". المجادلة:11. وقال أيضا: "وقل رب زدني علما".
طه:114. وحسبنا أن يكون أول نداء إلهي يفتتح الله به وحيه إلى نبيه محمد صلى الله
عليه وسلم تلكم الآية الكريمة: "أقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق
اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم". القلم:1 ـ5.
من أجل هذا جعل الرسولُ صلى
الله عليه وسلم طلبَ العلم فرضا فقال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
رواه ابن ماجه. وجعل المعاناة في تحصيله جهادا فقال: "من خرج في طلب العلم
فهو في سبيل الله حتى يرجع". رواه الترمذي. وأخبرنا–صلى الله عليه وسلم-أن كل
أمجاد الدنيا كاذبة وزائلة إلا مجد الإستقامة والعلم فقال: "الدنيا ملعونة
ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما". رواه الترمذي وابن
ماجه. فمن كان يعرف في تكريم العلم والعلماء أروع من هذا فليأتنا به؟.
أيها المباركون: عمّا قريب تفتح
المدارس أبوابها أمام أبنائنا وقرةِ أعيننا وعدّةِ مستقبلنا وذخيرةِ بلادنا وأمل
مجتمعنا في التقدم والرقي والازدهار.
فماذا نتمنى لأبنائنا وبناتنا
ولمعلميهم وأساتذتهم؟.
لا شك أننا نتمنى لهم سنة طيّبة سعيدة مليئة بالنشاط والجّد
والإجتهاد ونيل أحسن الدرجات والشهادات إن شاء الله.
ولكن لا يخفى عليكم أن الموسم الدراسي لا يكون ناجحا إلا إذا وجد التعاون بين
البيت والمدرسة والشارع، فإذا لم يقم الأب في البيت بمسؤوليته على الوجه الأكمل،
فربما انحرف الولد وعندئذ لا ينفع مع الولد توجيه ولا يجدي في تقويم اعوجاجه معلم،
لذا حمّل الإسلام الآباءَ والأمهاتِ مسؤوليةَ التربية. قال تعالى: "يا أيها
الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ
شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون". التحريم:6. وأكّد رسول الله
صلى الله عليه وسلم في أكثر من وصية بضرورة العناية بالتربية قال صلى الله عليه
وسلم: "أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم". رواه ابن ماجه، وروى الطبراني عن على كرم الله وجهه مرفوعا: "أدبوا
أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن". إلى
غير ذلك من الأحاديث.
فالتربية الصالحة للطفل هي التي تُنشئ
الشاب الصالح الذي يخدم دينه وأمته ووطنه، ولقد وضع لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم
مادة أساسية، مفادها أن الإبن يشبّ على دين والديه. أخرج البخاري عن أبي
هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول
اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم: "ما من مولود إِلا يولد على الْفطرة فأَبواه
يُهَوِّدَانه أو َيُنصِّرَانه أو يُمجِّسَانه".
فالأسرة هي المحضن الأول الذي ينشأ فيه الأبناء، ورب
الأسرة وزوجته كلاهما شريك الآخر في تلك المؤسسة الاجتماعية التي أمر الإسلام
برعايتها والحفاظ عليها، ولا يمكن أن يتحقق النجاح للأسرة إلا إذا تعاون كل من
الرجل والمرأة في تربية الأولاد، والولد يتأثر بوالديه في أخلاقه وسلوكه وتصرفاته
واتجاهاته الدينية والعقائدية.
فعليكم ـ
أيها الآباء والأمهات ـ مراعاةِ أولادكم وحمايتَهم من ضياع الوقت وانحراف العمل
والسلوك، تفقدوهم في كل وقت وامنعوهم من معاشرة ومصاحبة من يُخشى عليهم منه الشر
والفساد، فإنكم عنهم مسئولون، وعلى إهمال رعايتهم وتأديبهم معاقبون. قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
ويا أيها
المعلم: اعلم أن مهنة التعليم لا تساويها مهنة في الفضل والرفعة، فوظيفتك من أشرف
الوظائف وأعلاها. ولعل الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه، يبين
لنا ولك فضل تعليم الخير، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته وأهل السموات
والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير».
لكن اعلم أن مهمتك لا تقتصر على طرح المادة العلمية على طلابك فقط، بل هي مهمة
عسيرة وشاقة -وهي يسيرة على من يسرها لله عليه-فهي تتطلب منك صبراً وأمانة ونصحاً
ورعاية لمن تعلمهم. وتذكر دائما قول الحكيم العربي:
يأيها الرجلُ المعلــــمُ غيرَهُ * هلا لنفسِكَ كان ذا
التعليمُ
فالمعلم إذا
لم يكن ملتزما في سلوكه ومعاملته بمنهج الإسلام، وعلى دراية تامة بمبادئ الأخلاق
ليسير على طريق الإصلاح والتربية على أسس متينة، فهو أولى وأجدر بالتعليم
والتأديب. فحافظْ على الوقت زمنًا وأداءً،
والتزمْ الحضورَ في وقتك، وأدّ هذا العملَ بجدٍّ واجتهاد، ولا تستخفّ بهذه
المسؤولية، ولا تستهن بها، فإنها أمانة عندك، والله سائلك عنها، قال تعالى:
"إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن
تُؤدُّواْ الأمانات إِلَى أَهْلِهَا". النساء:58.
ولكن على رسلكم ـ يا عباد الله ـ
فاليد الواحدة لا تغسل نفسها، وكذلك الشخص الواحد لا يضطلع بأي مهمة وإن بدت
يسيرة، فالولد مهما كان استعداده للخير عظيما، ومهما كانت فطرته نقية سالمة، فإن
للبيئة الأثرَ الأكبرَ في تربيته وإصلاحِ حاله واستقامة أمره، ومن هنا كانت وصية
ابن سينا في تربية الولد قوله: "أن تكون مع الصبي في مكتبه صِبيةٌ حسنة
آدابهم مرضية عاداتهم، لأن الصبي عن الصبي ألقن، وهو عنه آخذ وبه آنس".
فالولد حينما تتوفر له البيئة الصالحة، من قبل أصدقاء صالحين، ورفقاء مخلصين.
فإنه– لا شك-يتربى على الفضيلة والإيمان والتقوى.
فلا بد – إذن-من إيجاد التعاون بين البيت
والمدرسة والشارع علميا وروحيا وجسديا. قال تعالى: "وتعاونوا على البر
والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب".
المائدة:2.
وفق الله طلابنا ومعلميهم لما
فيه الخير وأيّد خطاهم وجعل النجاح حليفهم في كل مراحل حياتهم الدراسية، أقول قولي
هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا
إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، أيها المعلمون والأساتذة:
لقد أعطاكم الإسلام مكانتكم ورفع درجتكم، وذلك لأن عليكم لأمتكم ومن يتعلمون منكم
حقوقا عظيمة، فقوموا بها لله مخلصين، وبه مستعينين، ولنصح أبنائكم ومن يأخذون
العلم عنكم قاصدين، أخلصوا في التعليم، وامتثلوا أمام طلبتكم بكل خلق فاضل كريم،
فإن المتعلم يتلقى من معلمه الأخلاق، كما يتلقى منه العلوم.
وإذا المعلم ساء لحظ بصيرة .. جاءت على يديه
الأبصار حولا
ويا أيها الطلبة، يا من أنتم على
مقاعد الدرس والتحصيل وفي جوّ العلم ومحرابه المقدس، احرصوا على طلب العلم لغاياته
الكريمة وأهدافه السامية والتي تعود عليكم كأفراد بالخير والرفعة وعلى أمتكم
بالتقدم والرقيّ والإزدهار. وتذكروا دوما قول الله عزّ وجل: "واتقوا
الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم". البقرة:182. . دخول موفق وعام دراسي مليء بالنشاط والعمل الجاد مع دوام
الصحة والعافية بحول الله وقوته..
اللهم اشرح صدورنا وصدور
أبنائنا وبناتنا للإيمان وافتح قلوبنا وقلوبهم للعلم والمعرفة، واجعل النجاح
حليفهم في موسمهم الدراسي. اللهم وألهِم الأساتذة والمعلمين السداد في القول
والعمل، وسدد خطاهم على طريق الحق والصواب، اللهم كرمنا وإياهم بنور الفهم وأخرجنا
من ظلمات الوهم وافتح علينا وعليهم بمعرفة العلم وحسّن أخلاقنا بالحلم، واجعلنا
وإياهم وتلامذتهم من الناجحين الفائزين في الدنيا والأخرة بمنّك وفضلك يا ذا
الجلال والإكرام، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. وصل اللهم وسلم على عبدك
ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.