الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، وصلى الله على سيدنا
محمد وعلى آله وسلم.
أما بعد، فلقد عاشت الجزائر 132 سنة من الإستيطان
والإستعمار الإستدماري الوحشي الذي مارسته فرنسا، والذي نتج عنه أكثر من عشرة
ملايين شهيد، ضحوا بأرواحهم كي ننعم بالحرية جيلاً بعد جيل، منهم مليون ونصف مليون
شهيد في الثورة المباركة التي دامت 7 سنوات ونصف، والتي اندلعت يوم الإثنين الفاتح
من نوفمبر 1954،وانتهت بالإعلان عن الإستقلال والحرية لهذا البلد العظيم في 5
جويلية 1962. وهو نفس تاريخ الإعلان عن استعمار الجزائر إذ هو يوم احتلالها– يوم وقع فيه
"الدّاي حسين" على وثيقة الاحتلال– وكان ممكنا أن تحتفل الجزائر
باستقلالها قبل هذا اليوم. لأن قرار توقيف إطلاق النار، كان يوم 19 مارس. كما أن القوات
الفرنسية انسحبت من نفس مكان دخولها شاطئ سيدي فرج بالعاصمة. وهذا لغاية نعلمها. وهو أن الرجال الأحرار والمجاهدين الأبطال،
أبوا إلا أن يثأروا لكل يوم موتور من تاريخ الجزائر، حتى يحققوا للحرية نصاعتها
وقدسيتها.
ذلك في الماضي أما في
الحاضر فها هو رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة حفظه الله يشرف على الاحتفالات
الرسمية المخلدة للذكرى بميناء سيدي فرج في الضاحية الغربية للعاصمة لإعلان
الاحتفالية في خطوة رمزية من الموقع الذي شهد تدفق أول قوافل الاحتلال الفرنسي.
وها
نحن اليوم وبعد 50 سنة نقف وقفة إجلال وإكبار ونحيي أبطالنا على ما قدموه لنا
ولأرضنا المباركة الطيبة، فرحم الله شهداءنا الأبرار وأسكنهم الفردوس الأعلى،
أولئك الذين كانوا يتنافسون
في الجهاد، ويتسابقون إلى النضال، وعدّتهم في ذلك الصبر والثبات. وشعارهم:
"أحرص على الموت توهب لك الحياة"، وغايتهم الدفاع عن أنفسهم، وصيانة
أوطانهم، وحماية دينهم وعقيدتهم.
أيها السادة الكرام:
هذا يوم ليس كباقي الأيام, يوم يزهو فيه الجزائريون بوطنهم. ويحتفلون فيه
باستقلالهم، ويباهون به أهل الدنيا. يذكرون أبطالهم الأوفياء الذين قامت الجزائر
على أكتافهم، ونهضت بهمتهم، وعلت بعزيمتهم, ويترحمون على من قضى نحبه من شهدائهم،
ويدعون الله بالعمر المديد والصحة والعافية لمن ما زال على العهد ثابتا.
فلنرفع الرأس عاليا
بوطننا، ونشد من عزم أبنائه، ونترحم على شهدائه، ولا نصغي ابدا الى مثبطي العزائم
والمحبطين والموتورين الذين يحاولون تقزيم كل جهد جزائري., ولكن الله يحبط كيدهم
دائما. فوطننا حقق الكثير وما زال يطمح بأن يحقق الأكثر بهمة أبنائه وبعزمهم, ولن
يخذل الجزائريون وطنهم ابدا, ولن ندعي الكمال، لأن الكمال لله وحده.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل درجاتهم في عليين ... واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم أدم
عليه الفتح والنصر، ودمّر من أراده بسوء يا رب العالمين، اللهم ألف بين قلوبنا،
ووحد صفوفنا، وأصلح قادتنا، واجمع كلمتنا على الحق يا رحيم. اللهم وفّق ولي أمرنا إلى ما تحب وترضى وخذ بناصيته إلى البر
والتقوى يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا
عذاب النار، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق