الموضوع: مظاهرات 11 ديسمبر
1960ـ كانت فصل الخطاب في زمن الارتياب
الخطبة الأولى
الحمد لله
رب العالمين، له الحمد سبحانه يؤيد بنصره من يشاء، له الحمد حمدا يوافي نعمه
ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك لا أنحصي
ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
كتب العزة للمؤمنين والذل والصغار على الكافرين. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً
عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، خير نبيٍ أرسله الله إلى العالم كله، بشيراً
ونذيراً، وداعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد،
وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما
بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى واذكروا أيامه لعلكم تتذكرون، اذكروا أيام
الله بنصر أوليائه، واذكروا أيام الله بخذلان أعدائه، واذكروا أيام الله إذا نزل
للقضاء بين عباده فقضى بينهم بفضله وعدله لعلكم توقنون.
أيها
المسلمون: إن نصر الله لأوليائه في كل زمان ومكان وأمة هو نصرٌ للحق وذلّةٌ
للباطل، وأخذٌ للمتكبر ونعمة ٌعلى المؤمنين إلى قيام الساعة، فاتقوا الله تعالى
وتعلّموا ما يكون به عبرة لكم واطّلاع على حكمة ربكم في تقديره وتشريعه.
فقد قص الله في القرآن الكريم أحوال الأمم السابقة
وما جرى بيِنهم وبيِن أنبيائهم، وأمرنا باستخلاص العبر من تلك الأحداث، قال تعالى:
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ ..}. يوسف:111
وهذا
أسلوبٌ من الأساليب القرآنية للتذكير بنعم الله، لأن نعم الله تعالى وعطاياه ومنحه
من آثار ربوبيته سبحانه وتعالى، بل هو أسلوبٌ أقرب إلى الحس والمشاهدة، بحيث لا
يصعب إنكاره إلا من جاحدٍ للنعمة كافرٍ بها، ونحن نجد فيضًا من الآيات المذكِّرة
بنعم لله تعالى على اختلافٍ في هذه النعم، ففي سورة إبراهيم على نبينا وعليه
السلام، نقرأ قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ
قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }، (إبراهيم:5). قال ابن كثير:
أيام الله أياديه ونعمه عليهم، قلت : ولقد جاء هذا المعنى في حديث أبي بن كعب قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ
السَّلَام فِي قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ، وَأَيَّامُ اللَّهِ
نَعْمَاؤُهُ وَبَلاؤُهُ، إِذْ قَالَ مَا أَعْلَمُ فِي الأرْضِ رَجُلا خَيْرًا
وَأَعْلَمَ مِنِّي.." الحديث رواه مسلم في باب من فضائل الخضِر عليه السلام.
وقد فسّرَتْه بذلك أيضًا الآية: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا
نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ
سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي
ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ }. (إبراهيم:6). فهذه الآية صريحة في بيان
أيام الله، وأنها مما امتنّ الله تعالى به على بني إسرائيل من نعمة النجاة من عذاب
فرعون وبأسه، وهو حريٌّ بهم أن يُذعِنوا بالطاعة والانقياد لله تعالى والإخلاص له
بالعبادة، ولقد جاء مثل هذا التنبيه في خطاب مشركي قريش حيث قال تعالى: {أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ
دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ}. (إإبراهيم:28ــ29).
حيث ذكر ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنه، أن هؤلاء هم كفار أهل مكة جاءتهم نعمة
الله ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا النعمة وجحدوا بها وأهلكوا أنفسهم
وقومهم في الدنيا يوم بدر وفي الآخرة حيث ماتوا على الكفر والعياذ بالله. قلت:
وأيُّ نعمة أعظم من نعمة الإسلام والهداية إلى التوحيد، وأي خسارة أعظم من الإعراض
عن هذه النعمة.
أيها
المسلمون: وإن كان الخطاب موجه في كل ذلك إلى أولئك، فإننا مخاطبون بمثل ما خوطبوا
به، ومذكَّرون بمثل ما ذُكروا به، ومُحذَّرون بمثل ما حُذِّروا منه. وقد أنعم الله
علينا بمثل ما أنعم عليهم، وبأوفرَ مما أعطاهم وأجلّ. فمن واجب العبد أن يذكُر نعم
الله عليه، فالله يقول: "وأما بنعمة ربك فحدث". سورة الإنشراح.
أيها
المسلمون: ومن هذا المنطلق، ومن باب "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"،
فإن مظاهرات {11 ديسمبر من عام1960} ذكرى تستحقّ التذكير والتعريف بها، لا للذين
اكتووا بنارها، فإنها يعرفونها ويذكرونها جيدا، وإنما نذكرها لشبابنا ومستقبل
أمتنا، فإن الذي لا يعرف ماضيه يعجز عن صياغة مستقبله.
إن مظاهرات
{11 ديسمبر من عام1960} ذكرى تاريخية هامة، وحلقة مشرِّفة لملحمة من ملاحم ثورة
التحرير المباركة. والتي عبَّرت بحقّ تعبيرا قويا عن صمود واستبسال الشعب الجزائري
في سعيه نحو الإستقلال، وباختصار شديد إليكم القصة:
فبعد وقائع المظاهرات
المساندة لسياسة ديغول يوم 9 ديسمبر في عين تيموشنت والداعية إلى اعتبار الجزائر
للجميع في الإطار الفرنسي، ومظاهرات المعمِّرين يوم 10 قبله، الداعية إلى اعتبار
الجزائر فرنسية، زحفت المظاهرات الشعبية في أرجاء الوطن بقيادة جبهة التحرير
الوطني يوم 11 ديسمبر لتعبِّر عن وحدة الوطن، والتفاف الشعب حول الثورة مطالبا
بالإستقلال التام، هاتفة: الجزائر مسلمة، الجزائر جزائرية. حيث خرجت مختلف الشرائح
في تجمعات شعبية في الساحات العمومية عبر المدن الجزائرية كلها، ففي الجزائر
العاصمة عرفت ساحة الورشات كما كان يطلق عليها إبان ثورة التحرير (أول ماي) كثافة
شعبية متماسكة مجندة وراء العلم الوطني وشعارات الاستقلال وحياة جبهة التحرير
الوطني.
ودامت هذه المظاهرات لأزيد من أسبوع،
شملت وهران، قسنطينة، عنابة، سيدي بلعباس، عين تموشنت، الشلف، البليدة، بجاية،
تيبازة وغير ذلك من المدن والقرى .. بيّنت ـ هذه المظاهرات ـ كلها بفعل، الصدى
الذي أحدثته على أكثر من صعيد حالة الارتباك التي أصابت الاستعمار، وعن مدى إصرار
الشعب الجزائري على افتكاك السيادة المسلوبة، وجاء ردّ فعل السلطات الفرنسية قويا
تجاه المظاهرات، إذ قابل الجيش الفرنسي الجموع الجزائرية بالدبابات والمدافع
والرشاشات، وأمطروهم بنيران القنابل وأطلقوا عليهم الرصاص، كما قامت الشرطة
الفرنسية بمداهمات ليلية لاختطاف الجزائريين من منازلهم، والإغارة على المواطنين
وهم يوارون شهدائهم، كما هو الحال في مقبرة القَطّار وسيدي أمحمد، مما زاد في عدد
القتلى، بالإضافة إلى سلسلة الاعتقالات التي مست عددا كبيرا من الجزائريين.." . (وَلاَ تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ..)، (إبراهيم:42). (..وَيمكُرُونَ
وَيَمكُرُ الله ُوَالله ُخَيرُ الماكِرِينَ)، (الأنفال:30).
ولقد كان وقع هذه الظاهرات على
المستوى الخارجي كبيرا، حيث كشفت للعالم حقيقةَ الاستعمار الفرنسي ووجْهَه
الإجرامي، كما أكسبت هذه الأحداث جبهة التحرير الوطني دعما دوليا واسعا، حيث
اقتنعت هيئة الأمم المتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وصوتت
اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية الجزائرية ورفضت المبررات الفرنسية
التي كانت تهدف إلى تضليل الرأي العام العالمي.
بل أجمع المؤرخون والمهتمون
بالثورة التحريرية الجزائرية على أن أحداث 11 ديسمبر 1960 كانت إحدى المنعرجات
الحاسمة في الانتفاضة المسلحة للشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي، حيث نقلت
المواجهات من الجبال إلى المدن والشوارع، وأثبتت للجنرال ديغول وللمعمرين
الفرنسيين أن الجزائر لم تكن يوما فرنسية ولن تكون أبدا تابعة لها.
أيها المسلمون: إن أيام الجزائر
وقصة َاستقلالها قصةٌ طويلة الفصول، حزينة الأحداث، تجمع بين البطولة والمأساة،
بين الظلم والمقاومة، بين القهر والاستعمار، بين الحرية وطلب الاستقلال، كان أبطال
هذه القصة الفريدة أكثر من مليون شهيد، وملايين اليتامى والثكالى والأرامل، وكتبت
أحداثها بدماء قانية غزيرة أهرقت في ميادين المقاومة وفي المساجد وفي الجبال
الوعرة، حيث كان الأحرار هناك يقاومون .
أيها المسلمون: إن مظاهرات 11
ديسمبر 1960ـ كانت فصل الخطاب في زمن الارتياب، لميلاد ثورة نوفمبر الحقيقة
والأسطورة، وأظهرت الصورة التي كانت تغيبها فرنسا الاستعمارية عن الشعب الجزائري
في التلاحم والاتحاد لنصرة قضيته التي رسمها نوفمبر الثورة بريشة الجهاد، وبمداد
دم الشهداء، جوهرها الصدق والإيمان والوفاء للوطن.
إن ذكرى 11 ديسمبر 1960 ذكرى خالدة
في سجل إنجازات هذا الشعب الأبيّ الذي جسَّد روح التضامن والوحدة، وعبَّر بصدق
للعالم أجمع عن مطلبه السامي لحرية وطنه، مدركا أنْ لا بديل عن الاستقلال غير
الفعل الثوري والصبر على المكاره ورفع التحديات والسمو بالهمّة إلى مستوى الوعي
التاريخي. كان نشيده:
نحن جند في سبيل الحق ثرنا وإلى استقلالنا بالحرب قمنا
لم يكن يصغى لنا لما نطقنا فاتخذنا رنة البارود وزنا
وعزفنا نغمة الرشاش لحنا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا
لم يكن يصغى لنا لما نطقنا فاتخذنا رنة البارود وزنا
وعزفنا نغمة الرشاش لحنا وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا
يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كما يطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب فاستعدي وخذي منا الجواب
ان في ثورتنا فصل الخطاب وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب فاستعدي وخذي منا الجواب
ان في ثورتنا فصل الخطاب وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا
وإذا كنا ـ أيها المسلمون ـ نحيي
اليوم هذه الذكرى، فإننا نهدف إلى استلهام العبر من سيرة الأبطال الذين وهبوا
أنفسهم في سبيل الله والوطن، رجال لم تُغرهِمْ زخارف الدنيا ولا بريق المناصب ولا
كسب الأموال، فتحدَّوا الصعاب وخاضوا معركة الشرف والكرامة، فكتبت لهم الشهادة،
فهم في أعلى عليِّين. "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".
فإلى الله نتوجَّه بالشكر على ما
أنعم به علينا من تخليصنا من أنياب شيطان الإستعمار، وأعاد أرض الإسلام إلى أمَّة
الإسلام، ونستنزل رحمات الله الصيِّبة وصلواته الزكيَّة الطيبَّة، لشهدائنا
الأبرار. فاللهم ارحمهم واجعل درجاتهم في عليين، ووفقنا للسير على
طريقهم يارب العالمين.
أقول قولي هذا.
الخطــبة الثانــية
الحمد لله
رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وليّ الصالحين. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الأمين.
اللهم صل وسلم على هذا النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها
المسلمون: إن مظاهرات 11 من ديسمبر تمثل ذكرى ناصعة، وإنها
لمن أيام الله في تاريخ الشعب الجزائري الذي قدَّم أغلى ما يملك
من أبنائه في سبيل الله والعقيدة والوطن.
فالتاريخ هو
ذاكرة الشعوب والأمم، وهو النافذة التي تَظَلُّ على مر العصور والدهور لتروي
الحقائق والوقائع والأحداث التي مرت على الأجيال، وهو المرآة العاكسة للرصيد
الحضاري والمعرفي للمجتمعات، لذلك فقد ظلت كل المحاولات الهادفة إلى طمس تاريخ
الشعوب هنا وهناك رهينة الفشل، وسرعان ما عادت أدراجَها تجرُّ وراءها أذيال الخيبة
والخُسران. فالشعب الجزائري يذكر تلك الأيام التي آل فيها على نفسه أن يكتب صفحات
مجيدة في تاريخه الحافل بالبطولات والتضحيات الجسام من أجل انتزاع حقه في الحرية
والسيادة الوطنية، فيُحيي في كل عام جهاد أولئك الأبطال المجاهدين الذين وقفوا ضد
الإستدمار وهم عزَّل، لا يملكون إلا إيمانهم بالله تعالى، وهو السلاح الفتاك،
وأظهروا للعالم أنهم مرابطون مجاهدون حتى يسترجعوا وطنهم وحقوقهم التي ينعم بها
العدو في بلادهم ومزارعهم، وحقق الله وعده للمستضعفين، وحرّرهم من ظلم الإستدمار
والعبودية، وأذهب عنهم الخوف ليعبدوه لا يشركون به شيئا.
أيها
المسلمون: إن ذكرى هذه المظاهرات ـ وما لحقها من أحداث هي من أيام الله فينا،
وإنها بعض ما امتن الله تعالى به على الجزائريين من نعمة الحرية والإستقلال بعد
استدمار طويل اغتصب الأرض وأذلّ الشعب، ما هو حري بهم أن يذعنوا بالطاعة والإنقياد
لله تعالى، والإخلاص له بالعبادة، قال تعالى: {وعد الله
الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف الذين من قبلهم
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون
بي شيئا}.
فما
أحوجنا في أزمنة هذه الأحداث الجسام التي تعصف بأمتنا المسلمة هنا وهناك، إلى أن
نذكِّر أنفسنا ونذكِّر الناس بأيام الله، فالتذكر والتذكير في القرآن
قضية ملحّة تهزّ عقول البشر هزا عنيفا، وتزيح أستار الغفلة التي تلقيها عليها بين
الحين والحين نوازع النفوس الآثمة ومغريات الحياة، وذلك ليعود للعقل البشري صفاؤه،
لأن تلك السنن، سنن الله ولن تجد لها تبديلا ولا تغييرا.
فاتقوا
الله تعالى ـ عباد الله ـ واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الإسلام التي لا
يعدلها نعمة، تلك النعمة التي ضلّ عنها كثير من الناس وهداكم الله تعالى بمنه
إليها، تلك النعمة التي عشتم عليها وعاش عليها آباؤكم. ونعمة الإستقلال والحرية
والأمن، فهو سبحانه أنقذكم من استعمار مستدمر جاس خلال الديار بجنوده وعتاده، فخرب
الديار وأفسد الأديان والأفكار. اشكروا الله تعالى على هذه النعمة وحافظوا على
بقائها واستمرارها، واسألوا الله الثبات عليها، وإياكم إياكم أن تتعرضوا لما
يزيلها ويسلبها منكم فتخسروا دنياكم وآخرتكم، واتقوا الله لعلكم تفلحون. قال
تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}،إبراهيم7.
اللهم ارحم
شهداءنا الأبرار واكتبنا في زمرتهم يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك عودةً إليك وإلى
دينك، تعود بها العزَّة والكرامة، وحكمةً مستمدَّةً من تعاليم الإسلام، تسدِّد
الرأي وتثبِّت الأقدام، وألفة تجمع الشمل، ووحدةً تبعث القوَّة، وعزيمةً تقطع دابر
الاستعمار من النفوس، بعد أن قطعت دابره من الأرض. اللهم إنا
نسألك العون والتوفيق في الأمور كلها، ونسألك اللهم العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ونسألك
ربناالسلامة من حقوق خلقك، والإعانة على أداء حقك، وأن تجعلنا من المتعاونين على البر
والتقوى، وألاتجعلنا من المتعاونين على الإثم والعدوان. اللهم وفق
ولي أمرنا لما تحب وترضى، وهيء له البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير
وتعينه عليه. اللهمَ أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر
أعداء الدين، وانصر عبادك الموحّدين، واجعل اللهمّ هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر
بلاد المسلمين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين
آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق