16 أغسطس 2012


 الموضوع: توديع شهر رمضان

الخطبة الأولى
      الحمد لله الواسع العليم، الجواد البرّ الرحيم، خلق كل شيء فقدره، وأنزل الشرع ويسّره، وهو الحكيم العليم. بدأ الخلق وأنهاه، وسيّر الفلك وأجراه. "جعل الليل والنهار خِلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا". وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، المتفرد بصفات الكمال، والمخصوص بنعوت الجلال، الباقي وكل من عليها فان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بلغ ما أنزل إليه من ربه إلى الناس كافة، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
     أما بعد، فيا عباد الله: إن شهر رمضان قرُب رحيله، وأزفّ تحويله، وإنه شاهد لكم أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال. فمن أودعه عملا صالحا فليحمد الله على ذلك، وليبشر بحسن الثواب، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، ومن أودعه عملا سيّئا، فليتب إلى الله توبة نصوحا، فإن الله يتوب على من تاب، قال تعالى: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى". طه:82.
     أيها المسلمون: لقد شرع الله لكم في ختام شهركم عبادات تزيدكم من الله قربا، وتزيد في إيمانكم، وفي سجل أعمالكم حسنات.  فشرع لكم زكاة الفطر، روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنـهما قال: "فرض رسـول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تـمر علـى الصـغير والـكـبـير والعـبد والمـمـلوك". وروى البخاري كذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كنا نخرج في عهد الرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر: صاعا من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب و الإقط".
       أيها المسلمون: فزكاة الفطر واجبة على الحر القادر عليها وقت الوجوب، عن نفسه، وعن كل من تلزمه نفقته، وزمن وجوبها غروب الشمس آخر يوم من رمضان، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، كما يجوز إخراج القيمة نقدا.  وقد قدرت هذا العام (1432 هـ) بمائة دينار جزائري.(100دج) تدفع للمسلم الفقير أو المسكين.
    فاتقوا الله– عباد الله– واخرجوا زكاة فطركم، طيبة بها نفوسكم، وأقرضوا الله قرضا حسنا.
كما شرع لكم التكبير عند إكمال الـعـدة من غروب الشمس ليلة العيد، إلى صلاة العيد، قال تعالى: "ولتكملوا العدة ولتكبّروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون". وصفته أن تقول: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد ".
وشرع سبحانه لعباده صلاة العيد يوم العيد، وندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أمته رجالا ونساء، قالت أم عطية رضي الله عنها، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن ّفي الفطر، العواتق والحُيّض وذوات الخدور، فأما الحيّض فيعتزلن المصلى، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين".   رواه الطبراني
ومن السُّنة: أن يأكل قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر تمرات وترا، ثلاثا أو خمسا. لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم، لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا". رواه البخاري وأحمد.
       أيها المسلمون: ها أنتم تختمون هذه الأيام عبادة كبيرة، وهي ركن من أركان الإسلام، وهي الصوم، وتضيفون إليها عبادة ثانية مفروضة، وهي صدقة الفطر، وتعيشون غدا– أو بعد غد– مهرجانا إسلاميا، تلتقون في هذا المكان على طهارة وتقوى، تؤدون صلاة العيد، ألا فتعرّضوا لنفحات الله، فإن لله نفحات، من حُرمها حُرم خيرا كثيرا .
      وفقني الله وإياكم لذلك، وتقبل صيامنا وقيامنا، ومتّعنا بعيد سعيد، وعمر في الخير مديد، والحمد لله رب العالمين.       
الخطبة الثانية 
     الحمد لله حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
    أما بعد، فيا عباد الله: أوصيكم– ونفسي– بتقوى الله، فإن الله يقول: "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى". وخاصّة إن شهركم الكريم قد آذن بالرحيل، وينبغي أن يكون آخره له مسك الختام، فتزودوا بالطاعات، ليكون ذلك درعا حصينا بعد الممات، واتقوا النار بصالح الأعمال، فإن العمل الصالح يكون وقاية من العذاب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "والعصر، إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا  وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر". سورة العصر.
    اللهم اجعل مواسم الخيرات لنا مربحا ومغنما، وأوقات البركات والنفحات لنا إلى رحمتك طريقا وسلما، اللهم ربنا تقبل منا الصيام والقيام، واحشرنا في زمرة خير الأنام، ربنا تقبل دعاءنا، واغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب. اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واجعل بلدنا آمنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم إنّ بإخواننا في فلسطين من البلوى و اللأواء ما لا يرفعه إلا أنت، اللهم انصرهم على من آذاهم، ولا تشمت فيهم عدوك وعدوهم، وآمنهم في أوطانهم، ولا تسلط عليهم من لا يخافك يا ذا الجلال والإكرام. اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد وعبادك الصالحين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، أللهم أقل عثرات المسلمين، اللهم ارحم المنكوبين والجوعى والخائفين والمظلومين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، آمين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق