الموضوع: القزع.... وتقاليع قص الشعر
الخطبة الأولى
إن الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا..
{يَا أيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ
ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}،
{ يَا أيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ
ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}،
{ يَا أيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.
أما بعد، فيا أيها المسلمون: قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري
ومسلم رحمهما الله: "لتتبعن سَنَن من قبلكم حذو القذّة بالقذّة، حتى لو دخلوا
جحر ضبّ لدخلتموه، قالوا يا رسول الله:
اليهود
والنصارى؟ . قال فمن".؟
وقال أيضا: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ
أمتي مأخذ القرون شبرا بشبر وذراعا بذراع، قيل يا رسول الله كفارس والروم؟. قال:
ومَنِ الناس إلا أولئك؟".
نعم .. للأسف الشديد، إننا نرى فئاما من الشباب يتشبّهون بالكفار في لباسهم
وسلوكهم وفي عاداتهم وأعيادهم، وربما تميل نفوسهم إلى حبّهم والإعجاب بهم!.
فما نشاهد من فعل بعض الشباب من حلق بعض
الشعر وترك البعض، وذلك هو القزع الذي نُهي المسلم عن فعله، ففي الحديث الصحيح
الذي أخرجه البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم ينهى عن القزع، قال عبيد الله، قلت وما القزع؟. فأشار لنا عبيد الله قال: إذا حُلق الصبي، وترك
هاهنا شعره، وهاهنا وها هنا، فأشار لنا عبيد الله إلى ناصيته وجانبي رأسه". وروى مسلم عن
عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم –" نهى عن القزع. قال: قلت لنافع: وما القزع؟ قال: يُحلق بعض رأس الصبي،
ويُترك بعض".
فما هو تعريف القزع:
قال في تاج العروس: القَزَع - محركة -: قطع من السحاب رقاق، كأنها ظل، إذا
مرت من تحت السحابة الكبيرة. الواحدة:
قزعة، ومنه
حديث الاستسقاء:
"وما
في السماء قزعة"؛ أي: قطعة
من الغيم.
وقيل: القزع، السحاب المتفرق، وما في
السماء قزعة؛ أي: لطخة غيم.
ثم قال: ومن المجاز: القزع: أن يحلق
رأس الصبي، ويترك مواضع منه غير محلوقة؛ تشبيهًا بقزع السحاب، ومنه الحديث: "نهى عن القزع"؛ يعني: أخذ
بعض الشعر وترك بعضه..
والناظر في أحوال بعض الشباب يجد أن لهم في ذلك طرائق شتى، فمن الشباب من
يحلق بعض رأسه من أسفل، ويجعل باقي الشعر على شكل دائرة ويحلق ما تحته، ومنهم من
يجعل في وسط الرأس خطاً يبدأ من ناحيته إلى مؤخرة رأسه، كما أن هناك هي تسريحات
كثيرة ، يدخل بعضها في "القزع" – كتسريحة "المارينز" أو غيرها
فتمنع لسببين القزع، والتشبه بالكفار -، وبعضها لا قزع فيه غير أنه يختص بالكفار
كنصب بعض الشعر وسبل الآخر، أو ما شابه ذلك . وهذا كله داخل في النهي، ويدخل في
معنى القزع عدة صور نذكر منها:
1ـ حلق الرأس غير مرتب، بأن يحلق من مواضع، وهذا
لا ريب في كراهته. وهو مشوه أيضاً.
2ـ أن يحلق وسطه ويترك جوانبه.
3-
أن يحلق
جوانبه ويترك وسطه.
4ـ أن يحلق الناصية فقط ويترك القفا.
5ـ أن يحلق القفا منفردا عن الرأس بلا
حاجة.
فإن حلق لحجامة أو غيرها زالت الكراهة. قال
المروزي: "سألت أبا عبد الله عن حلق القفا، فقال: هو من فعل المجوس، ومن تشبه
بقوم فهو منهم". المغني" (1/125).
وحكم القَزَع: مكروه، إلا إذا كان على
وجه التشبه بالكفار فهو محرّم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ
بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» . أخرجه أبو داود
اعلم ـ أُخَيَّ ـ إن أمثال هؤلاء إنما يعملون ذلك تقديرا لغيرهم، وحبًّا في
الجري وراءهم، مندفعين بعامل خفيّ، يمكن أن يفسّره علماء النفس والإجتماع بعقدة
النقص، أو عقدة الإحساس بالضعف، ضعف الشخصية ومحاولة تكميلها بما يظنونه كمالا،
حين يتشبهون بالأقوياء.. حقا:
إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها .. هوانا
بها كانت على الناس أهونا
فيا أيها الشاب: إن كنت تبحث عن الجمال فإياك والقزع؛ فإنه يشوه المنظر،
ويوحي بالفراغ الروحي العلمي والأدبي.. ويحمل إيحاءات ودلالات سيئة عنك وعن توجهك.. واعلم أنك من
أمة متميزة في دينها وقيمها وأخلاقها، معتزة بما آتاها الله من فضله، فخورة بدينها
الإسلام، ونبيها محمد عليه الصلاة والسلام.
فاللهم اهدنا واهد شبابنا إلى ما تحبه
وترضاه. وجنبنا وإياهم منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء، واغفر لنا ولهم
ولجميع المسلمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله العلي العظيم المدبر لخلقه كما يشاء وهو الحكيم العليم، حرم على عباده
كل ما يضرهم في دينهم أو دنياهم رحمة بهم وهو الغفور الرحيم، وجعل تعاطي ما حرمه عليهم
سببا للخسران في الدنيا والدين، وأوجب على المؤمنين أن يتعاونوا على البر والتقوى،
نحمده على نعمه التي لا تحصى، ونشكره على فضائله العظمى، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يوم يجمع الخلائق في صعيد واحد ويجزى كل نفس بما
تسعى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومنّ بهداهم اقتدى
وسلم تسليما.
أيها
المسلمون: إنه لا ينكر أحد أن في عصرنا الحاضر يتعرض الشباب المسلم إلى حرب أخرى
ليست حروبًا ميدانية، بل هي حرب من أشد الحروب الفكرية والعقائدية؛ بهدف إخراج
الشاب المسلم عن قيمه ومبادئه وأخلاقه تحت اسم التطور والموضة؛ مما جعل الشباب
يهتمون بالمظهر لا بالمخبر وبالموضات والإكسسوارات لا بالحياء والإيمانيات؛ مما
ينذر بخطر كبير على الإيمان والأخلاق والعقيدة والعفة والحياء والفضيلة.
ألا فيا أيها
المسؤولون، ويا أيها الآباء، اتقوا الله، واعلموا أنكم مسؤولون أمام الله عن
أبنائكم، وانتبهوا من هذا الغزو الفكري المركّز الذي يستهدف أبناءنا ونحن غافلون،
فمن رعى غنمًا في أرض مسبعة ونام عنها، تولى رعيها الأسد.
ويا
أيها الشباب، تمسكوا بدينكم وأخلاقكم وعادات آبائكم الطيبة الحسنة، فوالله لا عز
لكم إلا بالإسلام، ولا كرامة لكم إلا بأخلاق وتعاليم أهل الإسلام.
أسأل الله جل
وعلا أن يصلح حالنا وحالكم، وأن يهدينا وإياكم سبل السلام، وأن يجنبنا وإياكم
منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء إنه سبحانه سميع الدعاء، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً. اللهم اهد ضال المسلمين،
اللهم ومن أراد الإسلام والمسلمين بسوء؛ فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره يا رب العالمين،
اللهم! آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة يا رب العالمين
! ووفقهم لإزالة المنكرات وقمع أهل الزيغ والضلالات. ربنا اغفر لنا ولإخواننا
الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم،
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق