الموضوع: خطبة عيد الأضحى يوافق يوم الجمعة.
الخطبة الأولى
الله أكبر (7)، الله أكبر كبيرا والحمد لله
كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا
الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الحمد لله العلي
الكبير، الحميدِ المجيد، شرع الدِّين لمصالح العباد، وبيَّن لهم ما ينجيهم يوم
المعاد؛ "إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ". البقرة: 132.
الحمد لله حمدًا
يليق بجلاله وعظيم سلطانه؛ "لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الحَمْدُ فِي
الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ". القصص: 70.
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه، لا
نحصي ثناء عليه كما أثنى هو على نفسه، أبهج بالعيد نفوسَنا، وشرع لنا أضحيَّتَنا،
وأكْمل لنا ديننا، وأتمَّ نعمته علينا، ودفَع السوء عنا، ومن كل خير أنالنا، هو
ربُّنا ومالكنا ومعبودنا، نواصينا بيده، ماضٍ فينا حكمه، عدلٌ فينا قضاؤه، لا إله
إلا هو الرحمن الرحيم. نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره،
يجزي على الحمد حمدًا وفضلاً، ويكافئ على الشكر زيادة وبِرًّا، ويدفع بالاستغفار
عقوبةً ويغفر ذنبًا،
وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، عمَّ فضلُه العالمين، ووسع إحسانُه الخلقَ أجمعين، وكتب
رحمتَه للمؤمنين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أنار الله - تعالى - به الطريق للسالكين،
ورفع ذِكره في العالمين، وجعله حُجةً على العباد أجمعين، صلى الله وسلم وبارك عليه
وعلى آله وأصحابه السادة المتقين، والغر الميامين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى
يوم الدين.
أما
بعد أيها المسلمون: فإن الزمان دارت رحاه واستدار في فلكه ووافانا العاشر من شهر
ذي الحجة عامنا هذا 1438 هـ، وقد جمع الله لنا فيه عيدين: عيد أسبوعي وهو يوم الجمعة، وعيد سنوي وهو عيد الأضحى.
فيوم الجمعة أفضل
أيام الأسبوع قال صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عليه
الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فيه خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ
وَفِيهِ أُخْرِجَ منها ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلا في يَوْمِ الْجُمُعَةِ". رواه
مسلم. ويوم الأضحى وهو أفضل أيام السنة على الإطلاق؛ قال صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ
النَّحْرِ". رواه
أبو داود وهو صحيح.
فهنيئا لنا لكم
اجتماع هذين الفضلين العظيمين، فيا ربنا لك الحمدُ سرًّا وجهرًا، ولك الحمدُ دومًا
وكرًّا، ولك الحمد شعرًا ونثرًا. الله أكبر الله أكبر لا
إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أيها
المسلمون: هذا يوم عظيم، هو يوم الجمعة وهو يوم الحجِّ الأكبر أفضل أيام السَّنة،
وهو أكبر العيدين وأفضلُهما، وهو أيضا خاتمة أفضل عشرٍ في العام، وهو الوسط بين
أيام العشر وأيام التشريق، وكلُّها أيام ذِكرٍ وتكبير؛ قال تعالى: "وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ". الحج: 28، هي أيام العشر؛ "وَاذْكُرُوا
اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ". البقرة: 203، هي أيام التشريق، وهي أيام
أكْلٍ وشربٍ وذِكرٍ لله -تعالى
-كما جاء في الحديث. فما أعظمَ فضلَ الله -تعالى -علينا! وما أشدَّ رحمتَه بنا! إذ
هدانا إلى ما يقرِّبنا إليه، فله الحمد دائمًا وأبدًا.
اليوم
-يا عباد الله -يومُ الذِّكر والشكر، وهو يوم الذبح والنحر، قال تعالى: "فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " الكوثر: 2. يومٌ
امتحن الله فيه قلوب عباده المؤمنين وأوليائه الصالحين، ليَعلم علم مشاهدةٍ ما
تنطوي عليه هذه القلوب من الخير والطاعة والإستسلام والتضحية. يومٌ امتحن الله فيه
نبيه ورسوله وخليله أبا الأنبياء إبراهيم على نبينا وعليه السلام لرؤية رآها، كما
ذكر الله في كتابه العزيز، قال تبارك وتعالى:
"وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ
الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ
حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي
الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا
تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا
وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ
الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي
الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ
مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ". سورة الصافات: 99ـ111
يا له من بلاء، ويا
له من امتحان.. ولكن أمر الله يجب أن يطاع، والأنبياء أحرص الناس على طاعة الله،
وقد صدّق إبراهيم الرؤيا ورضي بقضاء الله وسلّم تسليما، ولم يجد من ابنه إسماعيل
إلا الصبر والطاعة المطلقة والإستسلام التام: "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن
شاء الله من الصابرين".
ويطرح
إبراهيم ابنه على جبينه لينفّذ أمر الله فيه، فإذا برحمة الله التي هي دوما قريب
من المحسنين، ويعلم الله من الأب والإبن إخلاصَهما وصفاءَ معدنهما فيجعل لهما من
أمرهما مخرجا، ويأتي النداء من السماء: "يا إبراهيم قد صدّقت الرؤيا إنا كذلك
نجزي المحسنين". وينظر إبراهيم على نبينا وعليه السلام فيجد الكبش محضرا
أمامه ويُؤمَر بذبحه ويخلي سبيل ابنه، فذبحه وهو يكبر تعظيما لله وشكرا له.
ويخلِّد القرآن هذا الحادث ويصفه بأنه البلاء المبين.. الله أكبر، الله أكبر، الله
أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر.
عباد الله: لقد
مرّ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بامتحان التّكليف فَوَفَّيَا، فهل نوفي نحن أم
ننتكس؟
فبعض المغزى من
قصة إبراهيم على نبينا وعليه السلام، أن يمتثل المسلم أمر الله لا يتلكّأ ولا يتهرب،
وأن يكون سخيّا معطاء، وأن يعتقد بأن الله جاعل له من أمره يسرا، قال تعالى:
"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون".
وما هذه الأضاحي
التي تتقرّبون بها إلى الله في يومكم هذا إلا سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد
عليهما الصلاة والتسليم، ولقد أخبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن لنا بكل شعرة
منها حسنة وبكل صوفة حسنة، وإنها تأتي يوم القيامة شاهدة لصاحبها بما قام به من
الشكر لله والتودّد إلى إخوانه. فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحبّ إلى الله من إهراقه
دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدّم ليقع من الله
عزّ وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا". رواه الترمذي.
فهنيئا لكم هذا اليوم، وهنيئا لكم بما منّ
الله عليكم من بهيمة الأنعام، فاشكروا الله وكبروه، وضحّوا عن أنفسكم وأهليكم،
واقتدوا بنبيكم صلى الله عليه وسلم، حيث ضحّى عنه وعن أهل بيته. قال أنس رضي الله
عنه: "ضحّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين– أي أبيضين خالصين–
أقرنين، ذبحهما بيده، وسمّى وكبر ووضع رجله على صفاحهما". رواه البخاري.
ألا وإن السنة في
ذبح الأضحية أن تكون بعد صلاة العيد، فقد روى البخاري بسنده، أن رسول الله صلى
الله عليه وسلّم قال: "إنَّ أوّلَ ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلِّي، ثم نرجع
فننحَر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنّتنا، ومن نحر قبلَ الصلاة فإنما هو لحم قدّمه
لأهله، ليس من النسُكِ في شيء".
فيا أيها
المباركون: إذا رجعتم إلى منازلكم ـ بإذن الله ـ فاذبحوا أضاحيكم، وليكن رائدكم في
عملكم هذا تقوى الله، قال الله تعالى: "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن
يناله التقوى منكم". الحج: 137. وكلوا منها وأطعموا البائس الفقير والقانع
والمعترّ، واعلموا أن ما تقدّمونه من خير فلأنفسكم، فلقد روى الترمذي في سننه عن
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنهم ذبحوا شاة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها، قال: بقي كلها إلا كتفها". لقد بين صلى الله عليه وسلم أن الجزء الذي يذهب
للفقراء والمساكين هو يذهب إلى الله، وهو الباقي. قال تعالى: "ما عندكم ينفذ
وما عند الله باق".
ألا واعلموا ـ
أيها المؤمنون ـ: إن الأعياد ليست بعودة الأيام ولا بتكرّر السنين، وإنما بما
يتحقّق فيها من القيم الإنسانية والأهداف النبيلة، فما الأعياد إلا مظهر من مظاهر
الأخوة الصادقة والتعاون والتعاطف والتراحم بين المسلمين، أينما كانوا، وحيثما
وجدوا. فيومكم هذا هو يوم تآخ وتصادق وتسامح وتصالح، أفرغوا صدوركم من الضغائن
والحقد والغلّ والحسد، وصِلوا أرحامكم وأقاربكم وجيرانكم وأصلحوا ذات بينكم،
وتذكّروا دوما ما رواه الأمام مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "تفتح أبواب الجنة يوم اثنين وخميس فيُغفَر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله
شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: أنظِروا هذين حتى يصطلحا".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أمّ قوما وهو له كارهون، وامرأة
باتت وزوجها عليها غضبان، وأخوانٍ متصارمان".
فلتتصافحْ في هذا اليوم وكلّ يوم قلوبكم قبل
أيديكم، واستغفروا لذنوبكم، واعملوا من الصالحات ما تجدونه يوم ترجعون فيه إلى
الله، أعرفوا قدر يومكم هذا، وتعرّضوا لنفحات ربكم فإنه رحيم كريم..
الله أكبر، الله
أكبر، الله أكبر. اللهم اجعل لنا مواسم الخيرات مربحا ومغنما، وأوقات البركات
والنفحات إلى رحمتك طريقا وسلما، وصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
فاستغفروه...
الخطبة الثانية
الله أكبر(5)
ولله الحمد، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه
بكرة وأصيلا، ورضي عن أصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا أيها
المسلمون: آن لكم أن ترجعوا راشدين إلى بيوتكم على غير الطريق التي أتيتم منها،
لتشهد لكم ملائكة الطريقين كما جاء بذلك الأثر، فتذبحوا أضاحيكم بأيديكم، ومن لم
يحسن الذبح كفاه أن يوكّل من يقوم بالذّبح بدله ويشهد ذلك، فلقد روى الطبراني أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابنته: "يا فاطمة، قومي إلى أضحيتك
فاشهديها، فإن لك بكل قطرة من دمها أن يغفر لك الله ما سلف من ذنوبك، قلت يا رسول
الله: ألنا أهل البيت أو لنا وللمسلمين؟. قال: بل لنا وللمسلمين".
اذبحوا أضاحيكم واشكروا الله وأكثروا من حمده وعظموا
شعائر الله، "فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ". الحج:32، ضحّوا وطيبوا
نفسًا بضحاياكم، فإنه ما عُبِد الله في يوم النحر بمثل إراقة دم الأضاحي، وإن الدم
ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، واعلموا أن الذبح ممتد إلى غروب الشمس
من ثالث أيام التشريق، وأنه يشرع في هذه الأيام التكبير المقيد في أدبار الصلوات المكتوبة،
فكبّروا وارفعوا به أصواتكم، وأحيوا سنة نبيكم نَضَّرَ الله وجوهكم، واحرصوا على
حضور صلاة الجمعة هذا اليوم ولا تتركوها، فمن تركها ولا عذر له فقد عصى الله تعالى
وعرّض نفسه للوعيد الشديد الوارد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لينتهين
أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين". رواه مسلم.
وكيف
يفرّط المسلم في حضور الجمعة وفيها خير كثير في التبكير إليها والقراءة والذكر
وكونها أفضل من الظهر وكون خطبة الجمعة آكد من خطبة العيد. فلا ينبغي التفريط في حضورها ولو في يوم عيدٍ. قال
الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ".
وأذكّركم ونفسي آلاء الله ونِعمَ الله وعطاءَ
الله، فاشكروه سبحانه وتعالى يزدكم، فإنه من لم يشكر الله عز وجل أصابه موعوده
سبحانه وتعالى من الهلاك والدمار، قال تعالى: "وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً
قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ
مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ
وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ". النحل:112.
فانظروا ـ عباد
الله ـ أي نعمة نعيشها؛ نعمة الأمن في
الأوطان واجتماع الأهل والخلان والصحة في الأبدان، ولذا وجب علينا أن نشكر الله، ونتذكّرَ
إخوانًا لنا مفزَّعين ملْتَاعِين في فلسطين وفي بلادِ الرافدَين وفي ليبيا واليمن
وفي كلّ مكان، بل إن العالم الإسلامي اليوم ـ أيها المؤمنون ـ لتجتاح كثيرا من
بلدانه أمواج عاتية من الفتن، فتنٌ تحرق الدين وتحرق العقل وتحرق البدن، فتنٌ لا
تُبقي ولا تذر، فتن اجتالت الأنفس والثمرات، وأذهبت الأموال والممتلكات، وأحرقت
المدن والأرياف، فتنّ شرّدت وأفزعت الرجال والنساء والصغار والكبار، والله
المستعان على ما تَصف وتَنْقُل وكالات الأنباء ونشرات الأخبار..
ولا يسعنا إلا أن
نقول: اللهم تدارَك أمةَ نبيِّك الأمين، وانصرهم على عدوّك وعدوهم يا قوي يا متين،
اللهم انشُر بينهم الأمن والإيمانَ والتقوى، وجنِّبنا وإياهم الآفات في السر
والنجوى، يا كاشف كلِّ بلوى، لا إله إلا أنت يا رب العرش العظيم، اكفِنا ما
أهمَّنا وما لا نهتمُّ به، وما أنت أعلمُ به منا، وكن هَمَّنا أنت وحدَك يا أكرم
الأكرمين. اللهم يا محوِّل الأحوال حوِّل حالنا وحال
المسلمين أجمعين إلى أحسن حال، وعافِنا من أحوال أهل الضلال وفِعل الجهال يا رب
العالمين، اللهم نسألك لنا ولبلدنا وللأمة مِن خير سألك منه عبدُك ونبيك سيدنا
محمد، ونعوذ بك مما استعاذك منه عبدُك ونبينك سيدُنا محمد، وأنت المستعان وعليك
البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بك. اللهم وإن لنا إخوانا هم
حجاج بيتك نغبطهم على ما يسرت لهم، لكن نسألك أن تتقبّل منهم، وأن تيسّر أمورهم، وأن
تجعل حجهم مبرورا وذنبهم مغفورا، وأن تعيدهم إلى بلدانهم سالمين وبالأجر غانمين. ربنا
اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولمشايخنا ولجميع المسلمين، وأعد علينا على اليوم بالأمن
والإيمان والسلامة والإسلام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا
الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
.وكل عام والجميع بتوفيق الله في خير
وعافية، وصلى الله وسلم على محمد.