الموضوع: الهجرة السرية ـ حلم يقود إلى الموت.
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي
جعل في الهجرة إليه سعة وتبديلا، فسهل لعباده المتقين إلى مرضاته سبيلا، وبارك لهم
في الأعمال والأرزاق وزادهم بسطة وتفضيلا. اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وسعت رحمته كل شيء وسعد بواسع أفضاله كل حيّ. واشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا
محمدا عبدك ورسولك، جعلت هجرته رحمة للعالمين وارتقاء بالإسلام والمسلمين. اللهم
صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته واجزه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته، واحشرنا تحت
لوائه في اعز زمرته، ولا تحرمنا اللهم من قربه وحوضه ونيل شفاعته.
أما بعد:
فاتقوا الله ـ عباد الله ـ فإن تقوى الله - تعالى - هي أكرم
ما أسررتم وأعظم ما ادخرتم وأزين ما أظهرتم. التقوى سبب في توفيق العبد
في الفصل بين الحق والباطل ومعرفة كل منهما، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا".
الأنفال: 29، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَءَامِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ". الحديد: 28.
أيها السلمون: إن حكمة الله تعالى قد قضت أن
يُستخلف الإنسان في هذه الأرض ليعمرها على هدى وبصيرة، وأن يستمتع بما فيها من
الطيبات والزينة، لاسيما أنها مُسخرةٌ له بكل ما فيها من خيراتٍ ومعطيات؛ فإن حُب
الإنسان لوطنه، وحرصه على المحافظة عليه واغتنام خيراته؛ إنما هو تحقيقٌ لمعنى
الإستخلاف الذي قال فيه سبحانه وتعالى: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا". سورة
هود: الآية 61
وحب الوطن فطري
في قلب كل مسلم سوي، ومتجذر في اعماق نفس كل مومن غيور أبيّ، ينشأ عليه ويتربى منذ
نعومة أظفاره كل من يتمتع بفطرة سليمة، وطوية نقية، وينعم بسريرة طيبة، وروح صافية
مستنيرة، ولا يخرج عن ذلك الحب الفطري للوطن، ولا يجد عنه إلا من كان منحرف المزاج
والفطرة، ولا يشذ ويزيغ عن هذه الحقيقة الناصعة إلا من هو عديم الضمير النقي، فهذا
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع وصف مكة من أصيلٍ جرى دمعه حنينا إليها. فقد
روى ابن شهاب الزهري قال: "قدم أصَيْلٌ الغفاريُّ قبل أن يُضرب الحجابُ على
أزواج النبي صلي الله عليه وسلم، فدخل على عائشة رضي الله عنها، فقالت له: يا
أصَيْل، كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها. قالت: أقمْ
حتى يأتيك رسول الله صلي الله عليه وسلم. فلم يلبث أن دخل عليه النبي صلي الله
عليه وسلم، فقال: "يا أُصَيْل، كيَف عهدت مكة؟". قال: عهدتُها والله قد أخصب جنابها، وابيضتْ
بطحاؤها، وأعذق إذخرها، وأسلب ثُمامُها، وأمْشَر سَلْمُها. فقال: حسبك يا أصَيْل،
دع القلوب تقرّ". وفي رواية أنه قال له: يا أصَيْل، لا
تُحْزِنَّا". ذكره ابن الأثير في
"أسد الغابة" 1/121 نقلاً عن ابن عبد البرِ وأبي موسى. وأخرجه الخطابي في غريب الحديث ا/278 بسنده
إلى ابن شهاب الزهري.
ولقد صح عنه صلى
الله عليه وسلم أنه وقف يُخاطب مكة المكرمة مودّعاً لها وهي وطنه الذي أُخرج منه،
فقد روي عن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لمكة: «ما
أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ». رواه الترمذي. ولولا أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهو مُعلم البشرية، يُحب وطنه لما قال هذا القول الذي لو أدرك كلُ
إنسانٍ مسلمٍ معناه لرأينا حب الوطن يتجلى في أجمل صوره وأصدق معانيه، ولأصبح
الوطن لفظاً تحبه القلوب، وتهواه الأفئدة، وتتحرك لذكره المشاعر.
أيها المسلمون:
وفي ظلِّ الأحداث المتسارعة والقصص المؤلمة التي نسمعها في المجالس أو تتداولها
وسائل التواصل الاجتماعي أو تبثها وكالات الأنباء بـ"حزن وشفقة" حيناً،
وبـ "تَشَفٍّ" أحياناً
أخرى، حيث أن بعضا من الشباب أصبحوا
عَلَفاً لليأس والقنوط، وكأنهم بقية من عصر الظلام والغابة، حديث العشرات
من الجزائريين ومثلهم أو أكثر من الأفارقة من الدول المجاورة الذين يحاولون يوميا خوض عباب
البحر من مختلف سواحل الجزائر الطويلة التي تزيد على 1200 كلم من عنابة وسكيكدة
شرقا ومستغانم وعين تموشنت ووهران غربا، همّهم أن يصلوا إلى الضفة الأخرى،
يحملون حلما زائفا، طامعين بالسيارة الفخمة والمسكن الكبير ومُمَنّين النفس
بالرفاهية والمال الوفير، ولكن يا لَحزن الأب والأم والأهلين أجمعين، حيث تموت هذا
الأحلام في أفواه الأسماك ويتحطم القارب ويرمي الموج ببعضهم على الساحل ليُدفنون
في قبور لا تحمل لهم اسما، لقد بات البحرُ يتقيا زبدا مالحا، والحيتانٌ تتقيأ جثثا،
وشبابٌ في مقتبل العمر يتقيأ الخيبة، ونحن هنا نتقيأ الحسرة والمرارة على شبابنا
المسكين.
أيها المسلمون: إن الهجرة السّريّة أو كما
تسمى عندنا بالحَرْقَة (بالقاف المثلثة) ـ وسميت كذلك لأن فاعليها يقومون بحرق مرحلة
الحصول على الفيزا من القنصليات، ويحرقون أوراقهم الرسمية التي تثبت وجودهم ـ هي حُرْقَةٌ
تشين بمروءة الشباب حيث أن عملهم هذا يؤدي بهم إلى خسائر معنوية كثيرة، فإنهم إن
نجوا من الأسماك فإنه سيبقون متعرضين للمطاردة والحبس والإهانة
من طرف سلطات الضفة الأخرى، وفي هذا ـ للأسف ـ تعريضٌ للنفس للذل والإهانة، ونبينا
صلى الله عليه وسلم قال: " لَا يَنْبَغِي
لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ". رواه الترمذي. بل إن من مظاهر الإذلال
للنفس قبول تلك الوظائف المهينة التي يشتغل فيها المغتربون بدافع الحاجة، بل إن
حالة التودّد والترجّي التي يقعون فيها من أجل الحصول على الإقامة من الإذلال للنفس،
ثم تلك الطوابير الطويلة أمام السفارات الأوربية تعتبر من مظاهر الذل أيضا، وإنه
ينبغي للمؤمن أن يكون عزيزا لا ذليلا، كما قال عز وجل: "أَذِلَّةٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ".
المائدة/54. وهؤلاء
المهاجرون يزعم أحدهم أنه يفر من حياة الذل وهو في الحقيقة ذاهب إليها.
ألا
ما أحقر همّة من جعل أكبر همّه دنياه!، وما أبعد عن السداد من عرف الله وعامل
سواه!. قد غلب الطمع على النفوس فأهلكها، واستولت الذنوب على القلوب فسوّدتها!.
تُرى لو كانت قلوبُ هؤلاء مطمئنةً بالإيمان، أتكون حالهم هكذا؟.
إني ـ أيها المباركون ـ لا أقول إننا نعيش في مجتمع فاضل عادل، ولا أن
ضمانات العيش والعمل والسكن مكفولة لكلّ قادر وعاجز، ولا أنّ حوافز الخير في
مجتمعنا مجتمعة ولا حوافز الشرّ منعدمة. أي لا أقول أن كلّ فرد منا مكفول الحقوق،
معترفا له بكل الخصائص. ولكن أقول: إن الله أعطانا الحياة وديعة وأغرى همتنا
بالعمل، والإسلام لا يريد منا أن نعطي ظهورنا للحياة والأحياء. فرسولنا صلى الله
عليه وسلم يقول: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ
مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ
وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ ". رواه مسلم عن أبي هريرة. فالرزق بيد
الرزاق. من يملك خزائن السماوات ولأرض، إنه الله الودود الرحيم الذي وسعت رحمته كل
شيء، وهو بالمؤمنين أرحم، وهو الذي أخبر ثم أقسم. أخبر أن رزقنا في السماء، ثم
أقسم إنه لحقّ، فقال جل جلاله: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا
تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا
أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ". والخير كل الخير فيما نصح به الناصح الأمين، ونصيحته
من صحيح الترغيب حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى، خَيرٌ
مِمَّا كَثُرَ وَأَلهَى". فَكَم مِمَّن يَملِكُ الملايين وَهِيَ تُشقِيهِ
وَلَا تُسعِدُهُ. لا يعرف راحة، يكدّ في النهار ويرتّب أعماله بالليل، يحنّ إلى أهله
وأولاده كما يحن الغريب لأرضه وبلاده، فالسعادة ليست في المال، إنما السعادة في تقوى الله، وتقوى الله
مجلبة للمال ورفاهة الأحوال. يقول الحطيئة:
وَلَستُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمعَ مَالٍ *
وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ
وَتَقوَى اللّهِ خَيرُ الزَّادِ ذخرًا * وَعِندَ اللّهِ لِلأَتْقَى مَزِيدُ
وَتَقوَى اللّهِ خَيرُ الزَّادِ ذخرًا * وَعِندَ اللّهِ لِلأَتْقَى مَزِيدُ
أيها المسلمون: مهما قيل وما يقال فطريق
الهجرة السريّة وعرةُ المسلك ومليئةٌ بالمنغّصات، فلا لا مكانَ في الحياةِ
بالنِّسبةِ للإنسان أجملُ وأبهى من المكان الذي ولد فيه وترعرع وتفيأَ ظلالَه
وارتوى من فراتِ مائِهِ، فهو جزء من كِيانِ الإنسانِ، فمهما ابتعد عنه وشطت به
الدارُ، فلا بد أن تبقى أطلالُ بلادهِ في ثنايا مُخَيّلتِه، وكثير من الناس مَنِ
ارتشف شراب الهجر والغربة في كؤوس من الحنين والأشواق، وكم من مغترب قال بلوعةٍ
الألم:
كمْ منزلٍ في الأرضِ يَأْلفهُ الفتَى *
وحنينهُ أبداً لأوّلِ مَنزلِ
وكم من مهاجرٍ يتغنى صباحَ مساء بقول القائل:
بلاديْ وإنْ جارَتْ عليَّ عزيزةٌ * وأهلِي
وإنْ ضنُّوا عليَّ كِرامُ
فاتقوا الله ـ عباد الله ـ وأجملوا في
الطلب، فإن ما عند الله لا ينال بمعصيته، وإنما ينال بطاعته وخدمته، واحمدوه على
الهداية للإسلام، واشكروه على الكفاية من الرزق والغنى عن الآثام، وانظروا إلى من
فضلتم عليه بالعافية والرزق والعقل والتوفيق، فإنه أحرى لشكر النعم والهداية لأقوم
طريق. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
"مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
مَنّ الله علينا وعليكم بالقيام بحقه والقناعة
بميسور رزقه، وهيأ لنا من أمرنا رشدا، وحفظ علينا ديننا وثبتنا عليه إلى الممات،
فإنه عصمة أمرنا، وعليه نموت وعليه نلقاه.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي
ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، فقد فازَ المُستغفِرون،
وسعِدَ المُتَّقون
.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما
يحب ربنا ويرضى، نحمده على نعمه وآلائه، ونشكره على إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى
آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد، فاتقوا الله عباد الله؛ فإن تقواه أفضلُ مُكتسَب، وطاعتَه
أعلى نسَب، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون".
آل عمران: 102.
أيها المسلمون: إن الإسلام أمرنا بالحياة الكريمة ونهانا عن الحياة
الذليلة، ولأن المهاجرين يعرضون أنفسهم لأمرين خطيرين:
الأول هو الهلاك، والثاني هو
المهانة إن نجوا من الهلاك، وأشد منهم جرما هؤلاء المتاجرون بمعاناتهم في عميلة
أشبه ما تكون بتجارة البشر، فإنه يتطلب من الجميع جهودا للعمل على إزالة الأسباب
المؤدية إلى هذه الهجرة من خلال فهم عقلية هؤلاء الشباب من طرف المختصين والمحللين
وبصورة سريعة جدا وإيجاد حلولا مستعجلة. يجب وضع مخطط خاص لدعوة هذا الشباب
للتعقل، لا أن توضع له قائمة كبيرة من القوانين الرادعة والوعود الكاذبة، لأن مثل
هذا الشباب لو آمن بوجوده لعبر عن امتثاله للقوانين ولما اختار امتطاء الأمواج، ثمّ
العمل على توفير فرص العمل والحياة الكريمة، والضرب بيد من حديد على كل من يعرض
حياة الناس للخطر أو يتاجر في معاناتهم.
وإذا
أردت أن تعرف ـ أيها المسلم ـ ماهية الأمة وحقيقة أمرها، فلا تسأل عن ذهبها ونشبها
وبترولها ورصيدها المالي، ولكن انظر إلى شبابها، فإن رأيته شبابا متمسكا بقيمه
الأصيلة منشغلا بمعالي الأمور، قابضا بأذيال الكمال وأهداب الفضائل، فاعلم أنها
أمة جليلة الشأن، رفيعةُ القدر والجاه، قوية البناء، مرفوعة العلم لا ينال منها
عدو، ولا يطمع فيها قوى. وإذا رأيت شباب الأمة هابط الخلق والقيم، منشغلا بسفاسف
الأمور، يتساقط على الرذائل كما يتساقط الذباب على جيف الفلاة، فاعلم أنها أمة
ضعيفة البناء مفككة الأوصال هشة الإرادة، سرعان ما تنهار أمام عدوها، فيستلب
خيراتها، ويحقر مقدساتها، ويهين كرامتها، ويشوه تاريخها وثقافتها.
لذا ـ يا عباد الله ـ تتضاعف المسؤولية نحو
شبابنا ويتوجّب على كلَّ مسؤول إلى أن يتحمَّل المسؤوليَّة المُلقاة على عاتقه،
ويُبرئ ذِمَّته أمام ربِّه. وإنها لمسؤوليَّة جسيمة وواجب أكيد، يحمل
عِبْأَها الآباء والأمهات والمعلِّمون والأئمة والمجتمع المدني والمسؤولون كلٌّ
حسب موقعه، وليست بالمهمَّة بالسهلة اليسيرة؛ فالمراهق في أمَسِّ الحاجة إلى
التربية البنَّاءة واليد الحانية التي ترفق به، وتأخذ بيده إلى مواطن الخير،
وتُحَذِّره من مواطن الشر، وتُبَصِّره بما يهمُّه.
روي أن عمرو بن العاص رضي الله عنه
رأى قوما نَحَّوْ فتيانهم عن مجلسهم فوقف عليهم وقال: ما لي أراكم قد نحيتم هؤلاء
الفتيان عن مجلسكم؟! لا تفعلوا، أوسعوا لهم وأدنوهم وحدثوهم وأفهموهم الحديث؛
فإنهم اليوم صغار قوم ويوشكون أن يكونوا كبار قوم، وإنا قد كنا صغار قوم ثم أصبحنا
اليوم كبار قوم.
فاتقوا الله
عباد الله، واهتموا بشبابكم، ولا تجعلوا بينكم وبينهم حواجز تمنعهم من التواصل معكم،
انصتوا إليهم وشاركوهم مشاعرهم وأفكارهم. قال ابن شهاب الزهري: "إن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به
الأمر المعضل دعا الفتيان، واستشارهم يبتغي حدة عقولهم".
اللهم يا حيُّ يا قيُّوم، نسألُك يا حيُّ يا
قيُّوم، نسألُك أن تهدي شبابَنا وفتياتِنا، اللهم اهدِ شبابَنا وفتياتِنا، اللهم
أرِهم الحقَّ حقًّا وارزُقهم اتباعَه، وأرِهم الباطِل باطلاً وارزُقهم اجتِنابَه
يا رب العالمين. اللهم
إنا نسألك اليقظة في الأمور، والحكمة في التدبير، وحسن العاقبة والمصير.
اللهم مُنَّ على جميع بلاد المُسلمين بالأمن والاستِقرار والسعادة والرخاءِ يا رب
العالمين. اللهم اجعلنا من الهُداة المُهتدين، واحمنا
من دُروب الشرِّ والفتنةِ ونزَغاتِ الشياطين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك
رحمة، إنك الوهاب، واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم، وصل اللهم وسلِّم على
عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق