29 يناير 2012


الموضوع: التضامن مع أهل غزّة 
الخطبة الأولى
      الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، كتب العزة لمن أطاعه، وقضى بالذلة والهوان على من عصاه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين سلكوا سبيله واهتدوا بهداه.
     أما بعد، فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإنها دليل الحيران، وريّ الضمآن، وأنيس الولهان، وخاصة ونحن في زمن لا يدري الواحد منا أيّ الأحداث يتابع، وأيّ المآسي ينازع، تعددت الجراح التي تفتّت كبد الحجر قبل بني الإنسان، ولا يجد المؤمن الصادق بدّا من متابعتها، وإلقاء السمع إلى أحداثها، ولكن إن هي لحظة، حتى يرجع البصر والفؤاد خاسئين كسيرين، وهما حسيرين .
كانت فلسطـين موّالا لأمتـــــنا      ما بالها لم تعد للـناس مـــــــوّالا؟
تعددت يا بني قومي مصائبــــنا    فأقفلت بابنا المفـتوح إقفــــالا
كنا نعالج جرحا واحدا فغدت    جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا   
  أيها المسلمون: مع تعدد المصائب، وتنوع الفواجع، تبقى فلسطين قضيتنا ومصيبتنا الأساس، التي لا ينبغي تجاهلها ونسيانها، فلسطين تلك البلدة التي سالت من أجلها العيون، ورخصت في سبيلها المنون، فلسطين أولى القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى نبينا الأمين، صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين .  
إنّ عيوننا وقلوبنا مشدودة إلى هناك.. إلى غزّة، وإلى ما يعانيه أهلها، من ضرب الطائرات، وأزيز المدافع. مئات البيوت هدّمت، عشرات المساجد دمّرت، آلاف الأنفس أزهقت، كم من نساء أيّمت، وكم من أطفال يتّمت، وكم من مقابر جماعية أقيمت. فصبر جميل والله المستعان .
 إنّ إخوانكم هناك، يصارعون عدوّهم وبطونهم خاوية، وأسواقهم مغلقة، ومنافذهم محاصرة، افتقد أطفالهم الحليب، ونفذ عن جرحاهم علاج الطبيب، والعالم ينظر ولا يجيب، إنها لمأساة أليمة، وإن الخطب لجسيم!.
   أيها المسلمون: وإنني أقف لأسجل وقفة إعزاز وإكبار، إلى أولئك الجزائريين على ما قاموا به من تضامن وتآزر، وإنها لوقفة تعرف، وتضامن يشرف، أولئك الذين تبرعوا بدمهم لإخوانهم، فبارك الله في صحتهم وأبدانهم، وها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا جزءا من أموالكم دعما لإخوانكم، وهو نوع من الجهاد، عندما تعجزون عن الجهاد بالذوات والأرواح، وهذا الذي ينبغي على المسلمين عامة أن يقفوا مع إخوانهم المستضعفين، ويكونون لهم عضدا ونصيرا .
       فبرهنوا– يا عباد الله- على إيمانكم، وتضامنوا مع إخوانكم، وأخرجوا زكاة مالكم طيبة بها أنفسكم، فإن الله يقول: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم". التوبة:60.
 نقل القاضي ابن العربي في "أحكام القرآن" عند تفسير قوله تعالى: "وفي سبيل الله"،  قال: "سبل الله كثيرة، ولكني لا أعلم خلافا في أن المراد بسبيل الله هاهنا الغزو".
فاتقوا الله –أيها الأغنياء – وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.
 وفقني الله وإياكم إلى كل خير، والحمد لله رب العالمين.

 الخطبة الثانية
   الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الأمين. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
      أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله ربكم، وتمسكوا بدينكم، واعملوا بهدي نبيكم، واقتدوا بأسلافكم الصالحين، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا". متفق عليه . وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :مثل المؤمنين في تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". رواه البخاري.
       هذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، اللهم انصر دينك, واجعلنا من أنصاره  يا رب العالمين، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين، اللهم انصرهم على اليهود الغاصبين، اللهم إ ن اليهود قد طغوا وبغوا وأسرفوا وأفسدوا واعتدوا، وأنت الله، لا إله إلا أنت، أنت القوي العزيز، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، وألق الرعب في قلوبهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، وأمدهم بقوة من عندك، وجند من جندك، اللهم ارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وقوّ عزمهم، ووحّد صفهم، واجمع على الحق كلمتهم، اللهم واجعلهم في كفالتك يا أرحم الرحمين. اللهم انصرنا على أنفسنا حتى نستقيم على أمرك، وانصرنا على أعدائنا حتى نسعد بظهور دينك، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واجعل بلدنا آمنا وسائر بلاد المسلمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق